متابعة | حاتم الطالبي
يعيش مُلاك وقاطنو إقامة المسجد بشارع فال ولد عمير بساحة أبو بكر الصديق في حي أكدال بالرباط وضعا مقلقا طال أمده دون أن يواكبه تدخل حاسم من الجهات المسؤولة عن حماية السلامة العامة والحفاظ على جمالية المدينة، وهو وضع يثير الكثير من علامات الاستفهام، ليس فقط بشأن تدبير مشروع المرأب تحت أرضي المجاور للإقامة، بل أيضا حول مدى اطلاع السلطات الترابية، وعلى رأسها والي جهة الرباط سلا القنيطرة محمد اليعقوبي، على تفاصيل ما يجري على الأرض.
وتعود تفاصيل هذه القضية لشهر يونيو المنصرم، وبالتزامن مع انطلاق أشغال إنجاز المرأب تحت الأرضي بساحة أبي بكر الصديق، الذي يندرج ضمن أوراش إعادة تأهيل العاصمة استعدادا لاحتضان كأس إفريقيا للأمم 2025، تفاقمت معاناة الساكنة بشكل ملحوظ. فقد أبان هذا المشروع، الذي كان من المنتظر أن يشكل قيمة مضافة للبنية التحتية، عن مجموعة من الاختلالات المرتبطة بالمحلات التجارية المتواجدة في الطابق الأرضي لإقامة المسجد، حيث يعاني مطعم ومقهى من حالة إهمال مزمنة امتدت لسنوات طويلة.
وبحسب إفادات الساكنة، فإن المطعم العائد ملكيته لرجل أعمال مقيم بالولايات المتحدة ظل يعاني الإهمال وغياب الصيانة لسنوات، ما أساء إلى جمالية واجهة الإقامة والشارع العام، في ظل رفض مالكه التواصل مع السكان، رغم تأكيد بعضهم تواجده حاليا بالمغرب. وفي السياق نفسه، ظل المقهى المجاور موصدا منذ ما يقارب عشرين سنة دون إخضاعه لأي إصلاح أو تسوية قانونية، الأمر الذي تسبب، حسب السكان، في تسرب المياه إلى مرآب الإقامة، مصحوبا بانبعاث روائح كريهة تشكل خطرا على الصحة والسلامة العامة، وتثير مخاوف جدية من وقوع كارثة محتملة.
ويؤكد المتضررون على أنهم لم يظلوا في موقف المتفرج، حيث بادروا إلى مراسلة قائد المنطقة وتوجهوا إلى جهات متعددة، إلا أن تظلماتهم، وفق روايتهم، وُوجهت بتجاهل غير مبرر، مما عمّق شعورهم بالإقصاء وغياب التعاطي المسؤول مع قضية تمس أمنهم وبيئتهم السكنية.
وما زاد من حدة الاستياء، بحسب مصادر من داخل الإقامة، هو إقدام مهندس مشروع المرأب على نزع الرخام الأصلي من واجهة الإقامة دون الرجوع إلى السكان أو إعلامهم مسبقا، واستبداله بطلاء أبيض. وقد اعتبر السكان هذه الخطوة تشويها مقصودا لواجهة البناية، لاسيما أن الرخام كان جزءا من التصميم الأصلي، ويتميز بجودة عالية ويساهم بشكل أساسي في العزل الحراري وحماية الجدران.
وفي خضم هذه الأوضاع، يعبّر السكان عن استيائهم وتساؤلهم عما إذا كانت هذه المعطيات قد وُضعت فعلا على طاولة والي الجهة، أم أن ما يحدث يتم بعيدا عن أعين السلطة الترابية. فالقضية تجاوزت كونها نزاعات عادية بين الملاك والسكان، لتتحول إلى مسألة تمس سلامة المباني، واحترام قوانين الملكية المشتركة، وصورة أحد أحياء مدينة الرباط، عاصمة الأنوار، في وقت تستعد فيه المملكة لاحتضان تظاهرات رياضية دولية كبرى.
إن مطلب الساكنة اليوم لا لبس فيه، ويتمثل في دعوة والي جهة الرباط سلا القنيطرة، محمد اليعقوبي، إلى التدخل الفوري لفتح هذا الملف، وتحديد المسؤوليات، وإجبار المعنيين على إصلاح محلاتهم والالتزام بواجهة الإقامة واحترام حقوق القاطنين. فاستمرار هذا الوضع لا يسيء فقط إلى حي أكدال، بل يثير أيضا تساؤلات حول الحكامة المحلية وحدود الصمت الإداري في مدينة يُفترض أن تشكل نموذجا في التنظيم والجمالية وصون حقوق السكان.


