متابعة | حاتم الطالبي
لم يعد تحويل المرضى من المستشفيات الإقليمية إلى المستشفيات الجامعية مجرد سوء تدبير عابر، بل بات في بعض المناطق ممارسة منهجية تثير الغضب والسخط.
ومدينة العرائش نموذج صارخ لهذا الوضع، حيث تتصاعد أصوات داخل القطاع وخارجه تتهم إدارة مستشفى لالة مريم بانتهاج أسلوب يهدف، بحسب تعبير العديد من المتتبعين، إلى تفريغ المسؤولية بدل تحملها.
جدير بالذكر، أن التحويل الطبي وفق القواعد المتعارف عليها، عملية دقيقة ذات بروتوكول واضح يبدأ بتنسيق مسبق، يليه تقييم للحالة، بعدعا توفير سرير، ثم تحديد فريق الاستقبال. هذا هو الإطار الطبيعي الذي تم اعتماده لحماية المريض لا لتعريضه للتيه.
غير أن ما يحدث، حسب مصادر مهنية متعددة، هو إرسال حالات إلى المستشفى الجامعي محمد السادس بطنجة دون أي احترام للمساطر، وكأن الهدف الوحيد هو دفع المريض خارج المستشفى، وليس التكفل به بالحد الأدنى من المهنية.
والمثير أن هذه الممارسات، التي تتكرر بشكل لافت، لا تأتي من ضغط تقني فقط، بل من اختيارات إدارية وتم وصفها من طرف العاملين والمرتفقين بأنها هروب واضح إلى الأمام. إذ يتهم البعض مدير مستشفى لالة مريم بالعرائش بانتهاج ما يشبه “سياسة التصدير” لكل حالة مرضية متوسطة الصعوبة، تجنبا لتحمل عواقب أي قصور في التدبير أو تأخر في الاستجابة. وهكذا يصبح التحويل ليس قرارا طبيا، بل آلية لتفريغ المسؤولية.
إن المواطن بالعرائش لم يعد يفهم لماذا يتم تحويل مرضى بحالات مستقرة نسبيا، بينما يمكن تدبيرهم داخل المستشفى الإقليمي، في الوقت الذي تعيش فيه المستشفيات الجامعية ضغطا خانقا، إذ لم يعد مقبولا أن تتحول مؤسسة إقليمية كاملة إلى مجرد بوابة عبور، فيما يظل سؤال الكفاءة والمسؤولية معلقا.
اليوم، لا نحتاج إلى مزيد من تبريرات بيروقراطية، بل إلى محاسبة واضحة إن كانت البروتوكولات تحترم أم لا؟ وهل يتم اتخاذ قرارات التحويل بناء على تقييم طبي أم هروب إداري؟ ومن يتحمل مسؤولية إرسال حالات دون تنسيق، مع ما قد يترتب عن ذلك من مخاطر على حياة المرضى؟
لقد ولى زمن التلاعب بالمسؤوليات، وعلى مديرية المجموعة الصحية الترابية (GST) أن تتحرك بصرامة لوضع حد لهذه الممارسات التي تمس هيبة المرفق الصحي وثقة المواطنين. فالمستشفى الإقليمي ليس مجرد اسم على واجهة، بل مؤسسة يفترض بها التكفل بالمرضى، لا التخلص منهم. والعرائش تستحق إدارة قادرة على مواجهة المشاكل، لا إرسالها في سيارة إسعاف إلى مدينة أخرى.