متابعة | هيئة التحرير
أصبح مشهدا مألوفا في الآونة الأخيرة أن يمنع الصحافيون من ممارسة مهامهم خلال الزيارات الميدانية التي يقوم بها وزير الصحة أمين التهراوي لمستشفيات المملكة، فما وقع مؤخرا بالمركز الإستشفائي الإقليمي الأميرة لالة عائشة بتمارة، وتكرر في مستشفيات جامعية أخرى بعدد من المدن، كشف عن توجه مقلق يتمثل في التضييق الممنهج على الصحافة، وكأن نقل الصورة الحقيقية للواقع الصحي صار جريمة يعاقب عليها.
المثير في هذه الوقائع أن السلوكات تأتي دائما من المسؤولة عن التواصل بالوزارة، وبطريقة فجة ومهينة لا تليق بمؤسسة دستورية يفترض أنها تخضع لمبدأ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. الأكيد أن ما يحدث ليس مجرد إجراء بروتوكولي، بل هو سلوك خطير يؤسس لثقافة التعتيم والإقصاء، ويضرب في العمق الحق الدستوري للمواطن في الحصول على المعلومة عبر وسائل الإعلام.
من المؤسف أن الوزير التهراوي، منذ جلوسه على كرسي الوزارة، اختار أن يبتدع هذه “السنة السيئة” بدل أن يفتح الأبواب أمام الإعلام لنقل الحقيقة، فهل يخشى الوزير من أن تظهر الكاميرات واقع المستشفيات بما فيه من خصاص واختلالات؟ أم أن وزارته تسعى إلى تسويق صورة وردية بعيدة كل البعد عن معاناة المرضى ومشاهد الاكتظاظ ونقص الأطر الطبية؟
إن منع الصحافيين من التصوير لا يسيء فقط إلى الجسم الإعلامي، بل يسيء إلى صورة الوزارة نفسها، لأنها بذلك تعطي الانطباع بأنها تخشى الحقيقة. والحال أن الإصلاح الحقيقي لا يتم عبر حجب الكاميرات ولا عبر كم أفواه الصحافيين، بل عبر الاعتراف بالواقع والعمل على تغييره.
إن احترام حرية الصحافة ليس منة من أحد، بل هو التزام دستوري وقانوني، وعلى الوزير أن يدرك أن وسائل الإعلام ليست خصما له، بل شريكا في إبراز الخلل والدفع نحو الإصلاح. أما استمرار هذا السلوك فسيظل دليلا صارخا على غياب الثقة والشفافية، وسيسجل على الوزير التهراوي أنه أول من دشن سياسة “منع الكاميرات” في وزارة الصحة، في وقت كان المواطنون ينتظرون منه جرأة الإصلاح لا هروباً من الحقيقة.