متابعة | حاتم الطالبي
أثارت واقعة ما عُرف إعلاميا بـ”اختفاء المولود الثالث” بعد عملية ولادة بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس (CHU) بطنجة، جدلا واسعا في الأوساط المحلية، عقب تداول مزاعم تفيد بأن إحدى السيدات كانت حاملا بثلاثة أجنة، وأن أحدهم اختفى بعد الولادة.
وتُظهر المعطيات الدقيقة المرتبطة بالملف، أن المستشفى الجامعي بطنجة استقبل ليلة الخميس 6 فبراير 2025، مريضة تبلغ من العمر 23 سنة، دون سوابق مرضية تُذكر، وفي حملها الأول الذي وُصف مبدئيا بأنه حمل متعدد الأجنة. غير أن الفحوصات الطبية اللاحقة أكدت أن الحمل كان لتوأم فقط.
وخلال عملية المتابعة الطبية، ظهرت تناقضات في بعض التقارير السابقة، إذ أشار بعضها إلى حمل توأمي، فيما تحدثت أخرى عن حمل ثلاثي، مع اختلاف في توصيف عدد المشيمات. وقد دفع ذلك الطاقم الطبي إلى إجراء فحوص إضافية بالأشعة فوق الصوتية على البطن (Échographie Abdominale)، التي حسمت النتيجة وأكدت أن الحمل كان لتوأم لا غير.
هذا، وقد خضعت المريضة لاحقا لعملية ولادة قيصرية (Accouchement par Césarienne) في ظروف طبية عادية، وبمشاركة طاقم متكامل من الأطباء والممرضين، مع توثيق جميع مراحل العملية وفق البروتوكول المعتمد داخل قاعات الجراحة.
وبعد الولادة، تمت معاينة المولودين بحضور أفراد من العائلة، دون تسجيل أي ملاحظة أو اعتراض في حينه. غير أن جدلا أُثير لاحقا بشأن احتمال وجود مولود ثالث، ما استدعى مراجعة شاملة للملف الطبي وللتسجيلات الخاصة بالعملية، والتي أكدت بشكل قاطع أن الولادة شملت طفلين فقط.
وتبيّن من خلال المعطيات الموثقة أن جميع الإجراءات أُنجزت بشكل قانوني ومنظم، وأن العملية سارت في إطارها الطبيعي دون أي خلل، مع تطابق الفحوص الطبية والصور الشعاعية مع النتيجة الرسمية.
وتشير مختلف الوقائع إلى أن الادعاءات المتداولة حول “اختفاء مولود” لا تستند إلى أي أساس علمي أو عملي، وأن الحالة لم تتجاوز كونها ولادة لتوأم، مما يؤكد سلامة المسار الطبي والتقني للواقعة برمتها.
وأكد مصدر مسؤول بالمركز الاستشفائي الجامعي (CHU) في تصريح للجريدة، أن الضابطة القضائية التابعة لمصالح الدرك الملكي فتحت تحقيقا دقيقا إثر شكاية رسمية تقدّم بها زوج السيدة المعنية إلى السيد الوكيل العام للملك. وقد شمل التحقيق مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة داخل قسم الولادة، والاستماع إلى أكثر من اثني عشر شاهدا كانوا حاضرين أثناء العملية الجراحية، حيث أجمع الجميع على أن السيدة أنجبت توأمين فقط، دون تسجيل أي شبهة أو خلل في الإجراءات الطبية المعتمدة.
وأضاف ذات المصدر، أن المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، يتوفر على 540 كاميرا مراقبة موزّعة على مختلف المصالح الطبية والممرات، وكذلك في محيط المستشفى، لضمان سلامة المرتفقين والزوار، وحماية التجهيزات الطبية والتقنية، واستشعار أي طارئ قد يهدد البنية التحتية للمؤسسة، كاحتمال اندلاع الحرائق، فضلا عن المساهمة في توضيح ملابسات بعض الحوادث مثل السرقة أو الشجار وغيرها.
ورغم ما رافق الموضوع من تشويش وتداول واسع عبر قنوات التواصل الاجتماعي، تبقى المعطيات الميدانية والوثائق الطبية كفيلة بتوضيح الحقيقة، وتأكيد أن الأمر لا يعدو أن يكون سوء فهم ناتجا عن تضارب سابق في تقارير الحمل المنجزة في القطاع الخاص.
ويأتي هذا التوضيح في إطار الحرص على طمأنة الرأي العام، والتأكيد على ضرورة التثبت قبل تداول أي معلومات تمسّ سمعة المؤسسات الصحية أو العاملين بها، حفاظا على الثقة في المرفق العمومي، وصونا لمصداقية المهنة الطبية.